مدت زمان باقی مانده از بروزرسانی و تکمیل شدن کامل وب سایت
روز
ساعت
دقیقه
ثانیه

النهی عن المنکر

النهی عن المنکر
قصَّ الله تعالى علینا أخبار الأمم السابقه والعواقب الوخیمه التی انتهوا إلیها حین شاعت فیهم الانحرافات والمخالفات دون أن یرفع أحد منهم رأساً أو یقول کلمه لأولئک الذین یستعجلون أیام الله لأنفسهم ولأممهم فقال تعالى :
( لُعِنَ الَّذِینَ کَفَرُوا مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِیسَى ابْنِ مَرْیَمَ ذَلِکَ بِمَا عَصَوْا وَکَانُوا یَعْتَدُونَ ، کَانُوا لاَ یَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنکَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا کَانُوا یَفْعَلُونَ )(۱).
فقد أجرم القوم مرتین :
مره حین وقعوا فی الآثام ، وأخرى حین ترکوا المعاصی تشیع فیهم دون أن تسود فیهم روح التناهی عنها .
وقد جاء فی الحدیث ما یفسر تدرجهم نحو الحال التی استوجبت لهم اللعن، فقد روى ابن مسعود عن رسول الله -صلى الله علیه وسلم- أنه قال :
إن أول ما دخل النقص على بنی إسرائیل أنه کان الرجل یلقى الرجل فیقول :
یا هذا اتق الله ودع ما تصنع فإنه لا یحل لک ، ثم یلقاه من الغد وهو على حاله فلا یمنعه ذلک أن یکون أکیله وشریبه وقعیده ، فلما فعلوا ذلک ضرب الله قلوب بعضهم ببعض ثم قال : ( لُعِنَ الَّذِینَ کَفَرُوا مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِیسَى ابْنِ مَرْیَمَ ذَلِکَ بِمَا عَصَوْا وَکَانُوا یَعْتَدُونَ ، کَانُوا لاَ یَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنکَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا کَانُوا یَفْعَلُونَ).
لقد طال العهد بصالحی بنی إسرائیل فبدأت المناکر تزحف إلى حیاتهم عن طریق أهل الأهواء والشهوات ، وکان فیهم صالحون فقاموا ونهوا أصحاب المعاصی ووعظوهم ولکن هؤلاء تأصل فیهم المنکر وصار النزوع عنه أمراً عسیراً، وکان الأمر یتطلب من صالحیهم جلداً وصبراً ومفاصله إلا أن درجه التوتر الحیوی عند أولئک الصالحین لم تکن کافیه بحیث یشعرون بالتمیز ویشکلون تیاراً نشطاً یحاصر أولئک العصاه ویشعرهم بالشذوذ والإثم .
وکانت المرحله التالیه سیطره شعور العجز والضعف على أولئک الصالحین مما جعلهم یخالطون أهل المعاصی ویرضون عن أعمالهم أو یظهر للناظر أنهم کذلک فضاعت معالم الحق وجاءت أجیال تالیه فنشأت فی الانحراف وشبت فیه وصار التفریق بین المعروف والمنکر أمراً غیر متیسر لکل الناس .
وکانت العاقبه أن ضرب الله قلوبهم بعضهاً ببعض ، وهذه العباره فی الحدیث النبوی ترمز إلى حاله من الفوضى المصحوبه بالعذاب حیث فقدت تجمعاتهم الشروط الضروریه لبقائهم واستمرارهم المادی والمعنوی فکانت أیام الله فی خاتمه المطاف جزاء ما فعلوا .
إن کل مجتمع مهما بلغ من الفضل والرقی لا یستغنى عن شریحه فیه تتمثل فیها المثل العلیا لذلک المجتمع تحفظ علیه وجوده المعنوی المتمثل فی عقیدته وأخلاقه وضوابط علاقاته وهؤلاء یمثلون الخیریه فی ذلک المجتمع کما قال علیه الصلاه والسلام :
(ما من نبی بعثه الله فی أمه قبلی إلا کان له فی أمته حواریون وأصحاب یأخذون بسنته ویقتدون بأمره ، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف یقولون مالا یفعلون …(۲).
إن هؤلاء الآمرین بالمعروف الناهین عن المنکر یملکون من التوهج فی أرواحهم والحیویه فی نفوسهم ما یجعل همَّ مجتمعهم همهم الأکبر، فیسعد بهم ذلک المجتمع إذ یحفظون علیه توازنه واستقامته وشروط استمراره، ولا یشترط فی المجتمع المسلم أن یکون کل أفراده من الدعاه الناصحین ولکن ینبغی أن تتوفر نسبه کافیه فی المجتمع مسموعه الصوت واضحه التأثیر تملأ الفراغ الثقافی وتملک من الوسائل المؤثره ما یسمح باستمرار وضوح جاده الحق والخیر والصواب ویسمح باستمرار سنه المدافعه بین الحق والباطل على وجه مکافىء وهذا ما یشیر إلیه قوله عز اسمه :
(وَلْتَکُن مِّنکُمْ أُمَّهٌ یَدْعُونَ إِلَى الخَیْرِ وَیَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَیَنْهَوْنَ عَنِ المُنکَرِ وَأُوْلَئِکَ هُمُ المُفْلِحُونَ )(۳).
المصادر :
۱- المائده : ۷۸-۷۹
۲- المحلی / ابن حزم ج۲ص۲۷
۳- آل عمران : ۱۰۴
منبع :  Rasekhoon.net